loading

نظريات علم الفراسة

  • Home
  • Blog
  • نظريات علم الفراسة

نظريات علم الفراسة

لربما تعتبر النظريات التي تربط بين ملامح وجه الإنسان ووجوه الحيوانات من اكثر نظريات الفراسة القديمة غرابة وإثارة في نفس الوقت، فلقد حاول القدماء وبعض من المحدثين من المهتمين بعلوم الفراسة الربط بين سمات وملامح البشر من جهة، مع تلك الملامح التي قد تشبهها في الحيوانات، ومن ثم الربط بين صفات هذا الحيوان وصفات الشخص الذي يحمل الملامح المشابهة له، وتمتد جذور هذه النظرية الى ما قبل ظهور علم الفراسة الغربي (الفيزيونومي Physiognomy) حيث كانت تعتبر فناً بحتاً من الفنون الغامضة وكانت آنذاك تعرف بإسم (Physiognomonics).وكان لأرسطو (350 ق.م) دور كبير في تطور هذه النظرية في الفراسة من خلال الكتابات المنسوبة اليه، والتي لخص فيها أقوال من سبقوه في الفراسة، فذكر أن للإنسان سمات في وجهه تدل على الصفات المختلفة كالشجاعة والقوة والجبن والغباء.الخ ، وربط ارسطو بين شكل اوجه الحيوانات ووجه الإنسان، حيث انه من قارب وجهه وجهاً لأحد الحيوانات فإنه يتصف بصفات هذا الحيوان كشجاعة الأسد وقوة الثور ومكر الثعلب وهكذا، وقد انتشرت هذه النظرية في اوروبا وترجمت لعدة لغات وكانت اساساً لعدة نظريات ودراسات بعدها في هذا المجال.وقد نقل العرب المسلمون هذه النظريات في الفراسة لاحقاً، وألفوا كتبا مستقلة اصبحت فيما بعد مراجع لعلماء أوروبا في القرون المظلمة الوسطى، ولازال الكتّاب العرب المعاصرين ينقلون عنهم هذه الأفكار والنظريات الى الآن.وفي وقت مبكر من عام (1600 م) قام الباحث الإيطالي جيامباتيستا ديلا بورتا بلعب دور أساسي في نشر هذه النظرية في أوروبا، حيث توصل لعدة أفكار لربط وجه البشر بوجوه الحيوانات من خلال تجاربه الخيميائية، والتي تهدف الى إختزال الأمور الى جوهرها الأساسي (فكرة فلسفية)، وقدم هذه الأفكار مجمعة في كتابه (De Humana Physiognomonia)، والذي كان له دور فعال في نشر علم الفراسة في جميع أنحاء أوروبا، والرسوم التوضيحية في الكتاب تصور رؤوس الإنسان والحيوان جنبا إلى جنب، لتوضيح التشابه في الملامح، ومنه الى التشابه في السمات والشخصية.ممن أثرى هذه النظرية بشكل كبير في القرن السابع عشر الفنان الفرنسي تشارلز لوبرون (1806 م) والذي اهتم بهذا الموضوع وقام بعدة محاولات لتنميط الوجوه المختلفة من البشر وقولبتها في عدة أنماط من وجوه الحيوانات، وقام بإعداد العديد من الصور والمقارنات المبهرة لتوضيح أفكاره، ولربما كانت هذه الصور هي الأكثر انتشارا وشهرة في يومنا الحالي بهذا الصدد، لأنها توضح كيفية نمذجة وتقريب ملامح الحيوانات المختلفة لملامح الإنسان من خلال الخطوط الإسقاطية لهذه الملامح، ويتم تدريسها في وقتنا الحالي في اوروبا كنوع من تاريخ الفن الراقي، وكذلك كنظرية في تاريخ الفراسة القديمة.وبشكل عام تناولت كتب الفراسة هذه النظرية بطريقتين مختلفتين:الطريقة الأولى بتخصيص الشكل والملامح لوجه حيوان معين:فالوجه الذي يشبه الأسد يمتاز بشخصية جريئة غضوبة وصبورة بنفس الوقت.أما الوجه الذي يشبه الدب، فإنه يميل إلى الدهاء والمكر وأيضاً الكثير من الغفلة.بينما الوجه الذي يشبه الخنزير، فإنه يدل على الشراهة والمداهنة.ومن كتاب اغاثة اللهفان لإبن القيم: قال بعض أهل العلم إذا اتصف القلب بالمكر والخديعة والفسق وانصبغ بذلك صبغا تاما صار صاحبه على خلق الحيوان الموصوف بذلك من القردة والخنازير وغيرهما ثم لا يزال يتزايد ذلك الوصف فيهحتى يبدو على صفحات وجهه بدوا خفيا ثم يقوى ويتزايد حتى يصير ظاهرا على الوجه.وهكذا . اما الطريقة الثانية فتهدف الى تعميم الشكل والملامح على فئة كبيرة واسعة من الحيوانات التي تشترك في سمة معينة:فالحيوانات اللطيفة الضعيفة الجبانة لديها رقبة طويلة ونحيفة نسبياً كالزرافة والنعامة والعديد من الطيور، بينما الحيوانات الشجاعة القوية القاسية لديها اعناق سميكة وغليظة كالأسد والثور والدب.وكذلك الحيوانات ذات الرؤوس الكبيرة العريضة ومحور ما بين الأذنين فيها أطول محور في عرض رؤوسها هي أكثر جرأة وقوة وشجاعة، بينما الحيوانات ذات الوجوه الطويلة النحيلة هي على العكس من ذلك.وهكذا. ولقد وجهت العديد من الإنتقادات لهذه النظرية في العصر الحديث، وتم تفنيدها ورفضها بشكل كبير وقاطع، حتى أنها لم يبقى لها أي ذكر في كتب الفراسة وقراءة الوجه الحديثة (الا من باب التأريخ وذكر الإجتهادات البشرية المختلفة في تطور هذا العلم)، ولا يتم الإستناد اليها من قريب أو من بعيد بأي شكل.وإن كنا نرى (على سبيل المجاز فقط) أن بعض أجزاء هذه النظرية يمكن اسقاطها على واقعنا المعاصر، فكما نرى من أحوال العالم والخلق من حولنا مؤخراً، هنالك من يبدون أنهم من بني البشر، ولكن منهم الآن من له طباع الحمار أو القرد أو الخنزير أو غيرهما من الحيوانات، ومنهم من هو أضل من ذلك سبيلاً من الأنعام وما دونها.

المصدر : مواقع انترنت 

اترك تعليقاً